حاوره موقع جبهة التحرير الأرترية (أدال)
المناضل أبو مهند ، حدثنا في الجزء الأول أنه عندما كان يافعا قطع دراسته للالتحاق بالجبهة وقد تم قبوله للانضمام لجيش التحرير الارتري بداية عام 1976م بعد عدة محاولات فاشلة ، وتم توجيهه لسرية جهاز التسليح (سلاح التسليح) ضمن الفصيلة التي كان يقودها المناضل إسماعيل أمريكي والتي أصبحت فيما بعد نواة للكتيبة رقم (977) ثم لاحقا اللواء 44 ، وعرفنا أنه شارك في الكثير من معارك فترة التحرير ، تسني ، أم حجر ، الحمرا ، بحر حديد ، الرويان ، بارنتو ، وفي معارك بارنتو أصيب إصابات بالغة في كلتا يديه ورجله و أشدها كانت في يده اليسرى حيث تسببت له في ضرر كبير جعله غير صالح لحمل السلاح.
أدال : مواصلة لمّ أنقطع من حديثنا ، بعد اصابتك في معارك مدينة بارنتو وتلقيك للعلاج أصبحت غير صالح لحمل السلاح ، ما الذي حدث بعد ذلك ؟
عرض عليّ الانضمام لمعسكر جرحى حرب التحرير لكنني رفضت لأن الجرحى هناك معظمهم كان ليس بإمكانهم تأدية أي دور آخر ، فمعظم إعاقاتهم كانت كبيرة بينما أنا كانت إصابتي تتمثل في إعاقة يدي اليسرى و كنت أحس أن باستطاعتي العطاء في مجالات أخرى وتحت إصراري تم توجيهي للعمل في إطار المنظمات الجماهيرية وكان الأنسب لي الاتحاد العام لعمال إرتريا ، لهذا تم توجيهي للعمل في إطاره .
أدال : رفضت الانضمام لمعسكر جرحى حرب التحرير واخترت العمل في المنظمات الجماهيرية وتفرغت للعمل للاتحاد العام لعمال أرتريا ، ياريت تعطينا نبذة عن مسيرتك مع العمال ؟
بعد أن أصبت بجراح في معركة بارنتو مكثت سبعة أشهر في مستشفى هواشيت ، ثم انتقلت لكسلا وقضيت بها ثلاثة أشهر والحمد الله الجراح التأمت ، إلا أن الإعاقة كانت كبيرة ، وأنا رفضت الاستسلام لها وذهبت لمكتب الجبهة بكسلا وطلبت توجيهي فعرض علي معسكر جرحى حرب التحرير فرضت ، فتم توجيهي للمنظمات الجماهيرية وتحديدا للاتحاد العام لعمال ارتريا ، وفي البداية كان التأقلم صعب شديد لأن الانتقال من العسكري للمدني ليس بالسهولة التي يتراى بها ، وأنا صراحة كنت محظوظ فقد وجدت قيادات تقدر دور المقاتل وبالأخص الجرحى منهم مثل رئيس الاتحاد وقتها المناضل أبو حيوت إبراهيم قدم وكذلك الرجل الدينمو صاحب العلاقات الواسعة والمشاعر الإنسانية العالية المناضل إدريس حشكب أبو راشد رحمة الله عليه ، وكذلك المناضل عبد الرحيم شنقب والمناضل أبو جهاد ياسين على جامع ، فقد احتضنوني جميعا وشملوني برعايتهم وأنسوني أعاقتي .
أدال : أولاً شكرا لك على هذا الوفاء النادر ، ثانياً ياريت تحدثنا بتفصيل أكثر عن الخطوات العملية التي اتخذت لتأهيلك و دمجك في نشاطات الاتحاد ؟
مباشرة بعد توجيهي للعمل ضمن اتحاد العمال ذهبت للمعسكر في منطقة ساوا الذي كانت به مكاتب الجبهة ، وكان المعسكر مزود بمكتبة كبيرة ، فبدأت هناك رحلة تثقيف نفسي وكل القادة والكادر من حولي يعينوني ويزيلون العوائق التي تواجهني ، وهناك أيضا تلقيت بعض الدورات العمالية القصيرة ، وبعد فترة استطعت التأقلم بالكامل مع مجالي الجديد كما أن الوضع في المعسكر كان جميلا وانتصارات الجبهة أعطت الجميع دفعة معنوية جميلة ، وهنالك كان أيضاً معسكر الشؤون الاجتماعية ومكتب الإعلام والفلاحين وكذلك طلبة الخدمة الوطنية ، فباختصار كانت الأجواء جميلة جداً .
بعد أن قضيت فترة في المعسكر تم توجيهي لفرع القضارف ، وهو أول فرع عملت به وقد أوصلني إليه المناضل أبو جهاد ياسين علي جامع وكان يرأس الفرع عمنا المناضل صالح قلاتي رحمة الله عليه ثم بعد فترة تم نقلي لفرع بورتسودان ثم إلى فرع طوكر و قرورة.
أدال : في تلك الفترة هل تلقيت دورات خارجية أم تم الاكتفاء بالدورات الداخلية لتأهيلك؟
نعم تلقيت دورة خارجية مهمة ، فبعد فترة من بدء مهامي داخل الاتحاد ، تم استدعائي للخرطوم وقابلت المناضل إدريس حشكب أبو راشد فأبلغني أن أستعد للذهاب إلى سوريا لتلقي دورة نقابية ، وفعلا ذهبت إلى سوريا مع زملائي من كادر الاتحاد المناضل إبراهيم سليمان علي والمناضل عبدالله أفندي و المناضلة أم راشد أخيار ياسين .
أدال : كيف كانت الدورة وماذا تلقيتم فيها ؟
بعد وصولنا لدمشق ، التحقنا بمعهد العمال العالمي ، وكانت مدة الدورة سنة كاملة وقد استفدنا من الدورة بشكل كبير وتوسع أفاقنا في العمل العمالي.
وبعد الدورة أنا انتهزت فرصة وجودي بسوريا فراجعت بعض الأطباء هناك فقد كانت جراحي تؤلمني و بالأخص يدي اليسرى التي أصيبت بإعاقة كبيرة ، وبالفعل في مستشفى الرازي بدمشق أجريت لي عملية جراحية لتعديل وضع يدي وقد نجحت العملية وكان عليّ إجراء عملية أخرى بعد شهرين ، إلا أن استدعاء الحضور إلى الميدان الذي صدر من قيادة الاتحاد لكل المناضلين لم يمكني من إجراء العملية الثانية ، فكنت من أوائل الذين نفذوا أمر الاستدعاء فرجعت إلى الميدان ، لكن الميدان هذه المرة كان ميدانا مختلفا ومحزنا لأبعد الحدود ، فقد وصلت مع دخول الجبهة إلى السودان فالتحقت بكركون .
أدال : فعلا أمر محزن جدا ، أن تذهب لسوريا والجبهة ملئ السمع والبصر لا يحدها مكان ، وتعود فتجدها محصورة في كركون وتهداي في الأراضي السودانية ، ماذا حدث بعد ذلك ؟
بعد أن تم حسم الأمور بعودة الوحدات التي رفضت تسليم سلاحها وسلم من سلم وأنضم للشعبية من أنضم ، وبدأت مرحلة إعادة البناء ، تم توجيهي لمنطقة حلفا الجديدة وهي تضم مدينة حلفا و القربة والمصنع والسبعات ومن ضمن الكادر الذي تم توجيهه للعمل بالفروع في تلك الفترة المناضل محمد علي طاهر ـ فرع بورتسودان والمناضل عبد القادر محمد إدريس رحمة الله عليه فرع الخرطوم ومنطقة القضارف كان فيها المناضلين صالح قلاتي وصالح علي صالح والإخوة المناضلين عبد الرحيم شنقب و حشكب أبو راشد رحمة الله عليه ، كانا يتحركان في كل المدن والمناضل ياسين علي جامع كان في فروع السعودية والمرحلة كانت صعبة والتآمر على الجبهة كان كبيرا ومكشوفا ، لكن الإرادة كانت أقوى لهذا صمدت الجبهة.
أدال : أنتخبت لأول مرة عضو في قيادة الاتحاد العام لعمال أرتريا ، متى كان ذلك ؟
في مؤتمر العمال عام 1983م انتخبت عضوا في المجلس المركزي للاتحاد العام لعمال أرتريا .
أدال : بالتأكيد بعد انتخابك عضو في المجلس المركزي للاتحاد ، قد أختلف وضعك بعد أن كنت كادر متفرغ أصبحت عضو قيادة متفرغ ؟
نعم بالتأكيد الوضعين مختلفين ، وقد شاركت كممثل للاتحاد في الكثير من فعاليات الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ، مثل مؤتمر الزراعة العرب في بغداد وثبتنا فيه عضوية اتحادنا بشكل رسمي ، أيضا شاركت في مؤتمر عمال البريد والبرق والهاتف في بغداد ، كذلك اتحادنا كان ممثلا في اتحاد المصارف العرب وكان يمثل الاتحاد فيه الأخ محمود ألمداي ، وكذلك في نقابات المهن الصحية كان يمثل الاتحاد الأخ محمد عبدالله ود سيدنا.
أدال : ثم تدرجت وأصبحت عضو في الأمانة العامة للاتحاد ، ياريت تحدثنا عن ذلك ؟
توليت في الأمانة العامة مهام الأمين المالي للاتحاد ، كما أن فترة أخرى مرت على الاتحاد ظروف صعبة مثل مرض رئيس الاتحاد المناضل حشكب أبو راشد في طرابلس ليبيا ، و كذلك مرض نائبه المناضل محمد علي الفقيه في جدة السعودية ، ووقتها كان مقري في الخرطوم وكان علي تسيير الأمور وتغطية الفراغ الذي أحدثه مرض الرئيس ونائبه ، لهذا كنت أستعين كثيرا بكادر التنظيم لأداء الكثير من المهام منهم المناضل محمد محمد آدم خليفة والمناضل محمد صالح أبوبكر ، وفي هذه الفترة اتحاد نقابات عمال السودان بقيادة البروف غندور بذل الكثير من الجهود في دعمنا لعقد مؤتمر الاتحاد ، وقد سخر لنا البروف غندور كل الإمكانيات وأستقبل معنا الوفود العربية وكذلك وفد الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب التي جاءت لمشاركتنا المؤتمر ، وعقد المؤتمر في كسلا وأعيد فيه انتخاب المناضلين أبو راشد ومحمد علي الفقيه في نفس منصبيهما وانتخب فيه كذلك المناضل محمد آدم خليفة لحاجة الاتحاد الماسة إليه حيث انتخب عضو في الأمانة العامة.
في عام 1998م غادرت إلى السعودية وبحكم أني عضو مجلس مركزي في جبهة التحرير الارترية تم توجيهي ممثل للجبهة هناك ، وحاليا أنا عضو في المجلس المركزي لجبهة التحرير الارتري و مسؤول العلاقات الخارجية للاتحاد العام لنقابات عمال أرتريا.
أدال : ختاماً هل لديك كلمة أخيرة؟
أولاً :للمرة الثانية أشكر الاخوة في أدال فما تقومون به من توثيق عمل عظيم وجليل و كبير ويحتاج لجهد كبير ، لهذا أرجو أن تواصلوا فيه وهناك الآلاف من مناضلي الجبهة يستحقون التوثيق منهم وتكريمهم عبر هذا التوثيق .
ثانياً : أعتذر لكل من جمعني به النضال وأقفلت ذكره في هذا اللقاء فالذاكرة لم تعد تسعفني والوقت لم يسعفني فقد تفاجأت بهذا اللقاء وأنا بعيد عن مقر إقامتي وبالتالي فقدت إمكانية الاطلاع على ما كنت أجمعه طيلة عمري وما كنت أخطه بيدي من الذكريات .