لماذا كل هذا الإحتفاء بالمؤتمر العاشر؟

 

سؤال وجيه سأله البعض بقصد المعرفة والبعض الآخر سأله بصيغ أخرى بقصد التهكم !
بادئ ذي بدء لابد من مقدمة مختصرة عن الأوضاع التي كانت قد وصلتها الجبهة فبأضادها تعرف الأشياء النور بالظلام و الحلو بالمر ، وقد وصلت الجبهة لحالة تعيسة الجميع يكاد يعرفها ، نتيجة عدة عوامل تتفاوت التقديرات بشأن درجة تأثيرها إلا أنها معروفة ، وقد أنعدم التجديد بشكل يكاد يكون كلي لعدم وجود آليات حقيقية لهذا التجديد والمتوفر منها لم يُفعل لأسباب معروفة، فأنعدمت القوى الشبابية الحية داخلها وأصاب الملل قياداتها من طول المسير والنضال والتقدم في العمر لكنها ظلت ممسكة بالجذوة محافظة عليها ولولاها لما كنا قد وجدنا ما نبني عليه، وإذا أضفنا لذلك أنه في بداية العام الماضي خاضت الجبهة مفاصلة فضت فيها الشراكة مع طرف المجلس الوطني (اللجنة الثورية) بعد شراكة بينهما دامت قرابة الستة عشر عاماً لم تكن مثمرة بكل المعايير ، ما يهمنا من ذلك في سياق تعليقنا هذا أن الجبهة أصبحت صف واحد و صوت واحد بدلا من حالة التنازع التي كانت تعيشها، وبمجرد تكوين مكتبها التنفيذي شرع في تكوين لجنة تحضيرية من 31 عضوا شملت كل كفاءات الجبهة من أهل الخبرة الكبيرة من العسكريين والمدنيين حيث ضمت لعضويتها من العسكريين من قادوا هيئات أركان وألوية بالاضافة إلى أكاديميين حيث كان ضمن عضويتها أربعة من حملة الدكتوراة في تخصصات مختلفة ، وقانونيين بالأضافة لكوادر مخضرمة وعناصر شبابية من الذكور والإناث ، وهذه اللجنة تحسب للمكتب التنفيذي حيث تجرد من كل الحسابات الخاصة التي عادة ما ترافق تكوين اللجان التحضيرية، فكونها وهو يرنوا لأن تكون الرافعة التي تنتشل الجبهة من حالة التردي التي هي فيها ، ولم يخب ظنه فيها فقد أنجزت كل المهام التي أنيطت بها ، فأعدت أوراق على أعلى مستوى وحشدت للمؤتمر وأستنفرت كل القوى الحية وجمعت المال اللازم لعقد المؤتمر، وأوصلت الجبهة لمؤتمر كبير بحجم الآمال والطموحات ، مؤتمر جمع شمل قيادات وكادر الجبهة وممثلي المنظمات الجماهيرية وممثلي الفروع في كل بقاع المعمورة، فقد كان بحق مؤتمر الصف الواحد والهدف الواحد والأمل الواحد تحت شعار”وقفة للنهوض بالمشروع الوطني” لهذا جاءت الوقفة بقدر الطموح .

ماذا أنجز المؤتمر؟

– أجاز البرنامج السياسي الذي حدثت فيه نقلة نوعية كبيرة حيث لم يترك شاردة ولا واردة وإلا أوضح فيها رأي الجبهة وكيف ستتعامل معها وقد أحتوى على تسعة فصول بداية بالمباديْ والأهداف العامة ، مرورا بالمجال السياسي الذي قسمه لثلاثة مراحل (مرحلة أسقاط الدكتاتورية ـ المرحلة الانتقالية ـ مرحلة إدارة الدولة) وركز في تفصيلات المرحلة المرحلة الانتقالية لأهميتها ، فتحدث عن مفهومها وكيفية إدارة الدولة فيها وعن الميثاق الوطني وعن القضايا التي يجب حلها في تلك المرحلة وبصورة ملحة (قضية المعتقلين والمختطفين والمخفيين قسراً ـ قضية اللاجئين ـ قضية الأرض ـ مؤتمر المصالحة الوطنية) ثم تحدث في الفصل الثالث عن المجال الأقتصادي، وفي الفصول الاخرى تحدثا تباعا عن المجال الاجتماعي ومجال الثقافة والاعلام ، ثم عن مجال التعليم والبحث العلمي ، وعن مجال الأمن والدفاع وفي الفصل التاسع رسم الموجهات العامة في علاقة إرتريا بدول الجوار وكافة دول العالم وقدم كل ذلك في قالب جميل مفصل دون اسهاب ، وقد أجيز البرنامج باجماع أعضاء المؤتمر ورافقت إجازته فرحة غامرة ، الأمر الذي عكس الجهد الكبير الذي بذلته اللجنة التحضيرية في مناقشته مع القواعد التي قدم منها المؤتمرين.

ـ أجاز النظام الأساسي ، وقد حظى هو الآخر بالكثير من الإشادة حيث أعتبر نقلة كبيرة من حيث شموله ودقته في ضبط العلاقات البينية في الهيكل التنظيمي القيادي والقاعدي ، ومن حيث توفر الآليات الذاتية لتقليصه وتصغير حجمه وتوسيعه وتكبيره متى ما كانت هناك حاجة لذلك ، وقد وضع اللبنة الأولى لترسيخ مبدأ فصل السلطات ، فجعل هناك سلطة تشريعية و رقابية مستقلة عن السلطة التنفيذية وفي نفس الوقت متكاملة معها ضمن تقاسم الأدوار، كما حدد النظام الأساسي الجديد المدد لشغل المناصب القيادية وكانت هذه الفقرة محل تفاعل كبير من قبل عضوية المؤتمر وبتثبيتها أجيز النظام الأساسي هو الآخر بإجماع المؤتمرين.

ـ ركز المؤتمرون على مناقشة العمل التنظيمي وتحديد أولويات المرحلة القادمة وشددوا على تفعيل المجلس التشريعي آلياته الرقابية والمحاسبية ، و أن يضع لوائح داخلية رصينة تحكم أداءه وتمنع الاحتكاكات بين أعضائه ، حتى يعمل الجميع بشكل جماعي قوي. ، والأهم من كل ذلك ناقشوا المعايير التي يجب أن تتوفر في عضو القيادة التشريعية وكانت بحق معايير عالية جدا بكل المقاييس.

ـ أنتخب المؤتمرون مجلس تشريعي من واحد وخمسون عضوا ثلاثة أرباعهم من الشباب والربع الآخر مقسم بين مجموعة قريبة من الشباب في فكرها وأخرى تتميز بتجربتها وخبرتها الطويلة ، أضف لذلك أن المؤتمر سعى بكل ما أوتي من قوة أن يكون المجلس متنوعا بكل فسيفساء الوطن وقد حدث ذلك بالقدر المتاح والأهم من ذلك أنه أرسى مبدأ التنوع و فتح الباب واسعا لحودثه.

قد يقول قائل ما هذا كل الهراء؟ أنكم تتحدثون عن أمور نظرية والتاريخ يقول أن ديباجات دساتير الأنظمة الدكتاتورية والتنظيمات التي لا تهش ولا تنش مليئة بمثل هذا الكلام الجميل .
ونحن بدورنا نتفق معه تماما في ذلك ولكن نقول له لا تنسى كان السؤال عن سر الإحتفاء بالمؤتمر العاشر ، والإجابة كانت على قدر السؤال ، لكن مع هذا الموضوع ، أجمل و أعمق من ذلك ويمكن تلمس عمقه في التالي :

أولاً : الجبهة كانت تفتقد هذا الأساسي النظري وبالتالي ايجاده هو خطوة في الطريق الصحيح و وضع للحصان أمام العربة، كما أنه لم يكن نظريا بالكامل فقد أنتج مجلس تشريعي عالي المواصفات .

ثانياً : أن تقود هذه الخطوة قيادة الجبهة بتجرد عالي ونكران ذات و رغبة في النهوض بالجبهة ، هي نقطة بالتأكيد جديرة بالتوقف عندها وبالتالي يمكن توقع ما سينجز في المرحلة المقبلة.

ثالثا : ايجاد مجلس تشريعي يضج بالحياة ، وهو العمود الفقري للجبهة وقلبها النابض بالتأكيد ستكون الفرحة به وبالمؤتمر أكبر وأعمق من قبل كل جبهجي وكل وطني .

شاركها

Share on facebook
Share on twitter
Share on pinterest
التصنيفات
منشورات ذات صلة