نجل قائد الثورة الإريترية: سنظل نناضل حتى إسقاط النظام
طه العيسوي- عربي21
قال نجل قائد الثورة الإريترية، الدكتور كرار عواتي، إنه سيظل “يناضل حتى إسقاط النظام من أجل الدفاع عن حرية وكرامة الشعب وسيادته الوطنية”، داعيا جموع الإريتريين، لاسيما الشباب، إلى “التصدي لهذا الظلم الذي لم ينجو منه أحد في البلاد، ولنعمل سويا من أجل التغيير، وإقامة البديل الديمقراطي الذي يختاره الشعب وبحرية”.
وأوضح، في مقابلة خاصة مع “ضيف عربي21″، أن “اقتراب أو ابتعاد لحظة التغيير يتوقف على نضال الفصائل المقاومة الموحدة، والتفاف الشعب حول فصائل المقاومة ودعمها دون أن يفقد الأمل في حتمية الانتصار على هذا النظام الطائفي. ولا بديل عن النضال، وبكل قوة، من أجل إسقاطه، والحفاظ على التعايش المجتمعي والسلم الوطني”.
وكشف عواتي الابن عن رفض وامتناع حكومة النظام الإريتري، وسفارتها في السويد، عن منح الهوية وجواز السفر الإريتري لحفيدة قائد الثورة حامد إدريس عواتي، مؤكدا أن “هذا التصرف يوضح إلى أي مدى بلغ النظام من صلفٍ وتجبر وتمييز بين المواطنين”.
وهاجم الدعوات التي تنادي الجاليات الإريترية في الخارج بالعودة إلى الوطن وفتح صفحة جديدة من أجل الدفاع عما يصفه البعض بـ “السيادة الوطنية”، قائلا: “هذه الدعوات ما هي إلا زبد بحر يتلاشى على شاطئ الحقيقة، وقد يكون الهدف منها هو إلهاء الناس عن النضال الحقيقي، وتشتيت قوى المعارضة وإضعافها، وها هي انتهت إلى ما انتهت إليه فقاعات أخرى سبقتها”.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع “عربي21”:
كيف ترى حلول الذكرى الـ 61 لانطلاقة الثورة الإريترية؟
اسمحوا لي أن أتقدم من خلال صحيفة “عربي21” بالتهاني للشعب الإريتري في الوطن الحبيب، ودول الشتات، بحلول الذكرى الواحدة والستون لانطلاقة الثورة الإريترية بقيادة جبهة التحرير الإريترية وقائدها الرمز الوطني حامد إدريس عواتي.
وفي ذكرى هذا اليوم التاريخي ومن منبركم أزف إلى الشعب الإريتري نبأ رفض وامتناع حكومة النظام الإريتري وسفارتها في مملكة السويد عن منح الهوية الإريترية وجواز السفر الإريتري لحفيدة القائد والرمز الوطني حامد إدريس عواتي.
أما الحديث عن متى، وكيف، ولماذا، هذا الرفض والامتناع عن منح الحق الطبيعي للمواطن الإريتري، فسنعلن عنه خلال الأيام المقبلة، إنما أتيت بذكره هنا تزامنا مع الاحتفالية بذكرى ثورة أيلول/ سبتمبر المجيدة، وأيضا لأنبه الشعب الإريتري للمبلغ الذي بلغه النظام الطائفي في إريتريا من صلفٍ وتجبر، ومفهوم النظام للمواطنة، ونوعية المواطن الذي يُمنح الهوية والجواز الإريتريين ومَن يمنع عنه منحهما، وكيف أن النظام يميز بين المواطنين، وأن هذا الرفض هو نموذج عن نوع وهوية المواطن المطلوب في المشروع الطائفي في إريتريا المستقبل التي تحررت بعد بذل أرواح ودماء آباء وأجداد هؤلاء الأبناء والأحفاد الممنوعين من أن يُمنحوا هوية المواطنة.
لذلك، أقول بأنه لا بديل عن النضال، وبكل قوة، من أجل إسقاط هذا النظام الطائفي، والحفاظ على التعايش المجتمعي والسلم الوطني، وغير ذلك فالقادم لن يكون محمودا على الإطلاق؛ فالنطام ورموزه إلى الزوال لا محالة، لكن يبقى الحقد لأمد بعيد.
نتابع في بعض وسائل الإعلام دعوات تنادي الجاليات الإريترية في الخارج بالعودة إلى الوطن وفتح صفحة جديدة من أجل الدفاع عن “السيادة الوطنية”.. فكيف ترون هذه الدعوات؟ ومَن يقف خلفها؟
برأيي هكذا دعوات ما هي إلا زبد بحر يتلاشى على شاطئ الحقيقة، وقد يكون الهدف منها هو إلهاء الناس عن النضال الحقيقي، وتشتيت قوى المعارضة وإضعافها أو تعطيلها عن العمل الفعال، وها هي انتهت إلى ما انتهت إليه فقاعات أخرى سبقتها مثل الحركة الشعبية التي ظهرت في 2005 ثم تلاشت، وحركة كفاية (يأكل) التي في طريقها للتلاشي، و”رابطة أبناء المنخفضات” وهي الأخرى إلى ذات المصير.
أما أصحاب هذه الدعوات برأيي هم أفراد ضعفوا ويئسوا ثم استسلموا، مُعلنين بهذه المبادرة عن عدم قدرتهم على مواصلة النضال.
هؤلاء لن يعودوا للوطن، وإن فعلوا، لن يُسمح لهم بالعودة إلا كأفراد لينخرطوا في خدمة المشروع الطائفي القائم في إريتريا. كما كان حال مَن سبقوهم وعادوا في فجر التحرير لحضن النظام تحت شعارات مماثلة، مثل المساهمة في بناء الوطن، والدفاع عن الوطن المُحرر وسيادته الوطنية.
وإذا سألت أصحاب هذه الدعوات، متى كانت “السيادة الوطنية” وكرامة المواطن مصانين؟؛ فالسيادة الوطنية معروضة في المزاد، وكرامة المواطن مُهانة وحياته مهدورة في الحروب العبثية والسجون وصحارى ليبيا وفي أعماق البحر الأبيض المتوسط.
ثم من الجاليات التي يدعونها للعودة؟، هل يدعون الجاليات الإريترية المسيحية الموالية للنظام؟ أم يدعون الجاليات الإريترية المسلمة المعارضة بحياء ودون فعلية. للأسف هذا هو حال تجمعات الإريتريين في بعض دول المهجر، وتحت هذه المسميات البعيدة كل البعد عن مفهوم الجالية وأدوارها النضالية والثقافية.
هل هناك تفاعل واستجابة واسعة مع دعوات العودة إلى إريتريا؟
إن التفاعل والاستجابة لهذه الدعوات تمثل في تلك المهاترات العبثية والغير مجدية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فهي لم تتجاوز ذلك ثم انزوت هي وأصحابها في عالم النسيان بعد أن أدت دورها في زيادة الخلاف، وتعميق هوّة الفرقة، وتثبيط الهمم، وبث اليأس في نفوس الإريتريين من المعارضة وفصائلها.
وما الذي يحول دون عودة المعارضين حتى الآن؟
أسباب عدم عودة المعارضين عديدة، وبرأيي يأتي في مقدمتها أمران، الأول يتمثل في عدم تغير موقف النظام من فصائل المعارضة التي لا يعترف بوجودها أو بدورها في حرب التحرير، وعدم إقراره أن عودة المعارضين وفصائلهم ستسهم في الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
يضاف إلى ذلك شروط النظام غير المكتوبة والمتعارف عليها لعودة مَن لا ينتمون للجبهة الشعبية أو طائفة النظام، وكذلك تجارب العودة السابقة ومصير مَن عادوا لطاعة النظام.
أما السبب الثاني هو عدم ارتقاء فصائل المعارضة إلى مستوى مسؤولياتها ودورها النضالي، وتفعيلها المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي ليصبح منظمة فاعلة قادرة على فرض التغيير، وكذلك عدم إتمام الخطوة الوحدوية الواعدة للائتلاف الوطني الديمقراطي الإريتري.
وفي اعتقادي عندما تحقق فصائل المعارضة أدوات القيام بدورها النضالي ستكون قادرة على التغيير وإجبار النظام على التغيُر، وتتحقق العودة بشروط الوطن لا بشروط النظام.
هل المعارضة الإريترية باتت اليوم في وضع أضعف بكثير من نظام أسياس أفورقي؟
تبدو المعارضة الإريترية في درجة من الضعف لا تستطيع معها التأثير على النظام وتغيير الأوضاع وإنهاء معاناة الشعب الإريتري. ومرد ذلك جملة من العوامل في مقدمتها العلاقات المُعقدة في منطقة القرن الأفريقي والحصار المفروض على قوى المعارضة الإريترية، وغياب الحليف الداعم وغيرها من عوامل مؤثرة أسهمت في إضعاف المعارضة.
ولكن وبالنظر للنهج الذي تنتهجه قوى المعارضة والمتمثل في العمل الجاد لتفعيل المجلس الوطني، وكذلك الرغبة الجادة في إنجاح المشروع الوحدوي للفصائل الثلاثة للائتلاف الوطني، نجد أن ذلك مؤشر إيجابي بأن ضعف المعارضة لن يطول أكثر من ذلك.
ما انعكاسات الصراع الإثيوبي على الأوضاع الإريترية خاصة في ظل تأكيد العديد من المصادر بأن الحكومة الإريترية تشارك كطرف فاعل في هذا الصراع؟
إن اهتمام النظام بالوضع الداخلي وتحسين حياة المواطنين لم يكن يوما من أولوياته؛ فمنذ التحرير ناصب النظام دول الجوار العداء ودخل معها في حروب عبثية، بدءا من حرب جزر حنيش ضد اليمن الشقيق، ثم حربه في شرق السودان عام 1994 بذراع قوات المعارضة السودانية، ثم تلك الحرب الطاحنة مع إثيوبيا عام 1998 – 2000 على خلفية ملكية منطقة بادمي الحدودية، وأخيرا تدخله في الحرب الإثيوبية الدائرة الآن متحالفا مع عدو الأمس حليف اليوم الجيش الإثيوبي والمليشيات الأمهرية (فانو) ضد حليف الأمس عدو اليوم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وانعكاس هذا التدخل على الشعب الإريتري تمثل في المزيد من الويلات وموت الشباب الإريتري، والمزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية، واستمرار معاناة الشعب الإريتري وتفاقمها.
ما أبعاد تدخل أفورقي في ملف شرق السودان؟
لا شك في أن مبادرة ديكتاتور إريتريا تعد تدخلا سافرا في الشأن السوداني وخرق فاضح للأعراف الدبلوماسية، وهي ذات أبعاد خطيرة في العلاقات الدولية، وكانت تستوجب موقف حازم من قِبل السودان.
إلا أنه بالنظر لردة فعل السلطات السودانية وتعاملها مع هذا التدخل في الشأن الداخلي، أجد بأنه لا جديد في موقف السودان من تجاوزات النظام الإريتري ذات التاريخ الطويل، والتي تبدأ من سكوت الجبهة الإسلامية وشيخها حسن الترابي من اعتقالات النظام الإريتري في بداية التحرير لمدرسي المعاهد والمدارس الإسلامية وزجهم في السجون وتغييبهم إلى يومنا هذا، وكذلك سكوت السودان عن إنشاء النظام الإريتري معسكرات التدريب والتسليح للحركات المسلحة السودانية المعارضة، وكذلك ردة الفعل الباهتة والمؤقتة على دعم ومساعدة قوات جيش تحرير السودان بقيادة جون قرنق ودخولها مدينة كسلا عبر حدود شرق السودان، تلك الحدود التي كانت آمنة للسودان عندما كانت تتواجد بها جبهة التحرير الإريترية.
لكن ما فرص نجاح مبادرة أسياس أفورقي بحل الأزمة في إقليم شرق السودان المتوتر؟
فرص ومعايير نجاح مبادرة أفورقي فهي كسابقاتها من مبادرات إصلاح الخلافات السودانية، والتي دوما ما تنتهي لصالح الطرف الذي يضمن مصالح النظام الإريتري، ولنا مثال عن ذلك اتفاق أسمرة المُوقع بين الحكومة السودانية وجبهة شرق السودان، والذي بموجبه شاركت قيادات جبهة الشرق في السلطتين المركزية والولائية مُمثلة للنظام الإريتري ورعاية مصالحه لا مصالح إنسان الشرق ومطالبه، وكذلك هذه المبادرة إن كُتب لها النجاح ستنتهي لصالح المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة الذي هو ذراع النظام الإريتري وراعي مصالحه في شرق السودان، وليس مصالح إنسان شرق السودان ومطالبه من أمن واستقرار وتطور.
هل نظام أفورقي يبحث عن مخرج لعزلته من بوابة شرق السودان كما يقول البعض؟
يخطئ مَن يظن أن النظام الإريتري في عزلة أو حصار عقابي ليبحث عن مخرج له عبر شرق السودان، فهذا الشرق لم يكن يوما مُغلقا في وجهه.
فهذا النظام، ومنذ أن كان فصيلا من فصائل حرب التحرير وحتى يومنا هذا، وحدود السودان الشرقية التي تزيد عن 600 كم طولا مفتوحةٌ له وعلى مصراعيها. يُدخل منها كل ما يحتاج سلاحا كان أم مؤن؛ فالنظام الإريتري موضوع تحت غطاء متفق عليه ليطبق بعيدا عن الرقابة والمسائلة سياساته ومشاريعه على الشعب الإريتري وبكل حرية. وإلا كيف نفسر استمراره طيلة الثلاثين عاما الماضية على الرغم من كل تلك التجاوزات بحق الإنسانية.
أما اهتمام النظام بشرق السودان لدرجة تدخله في شأن السودان الداخلي دون رادع أو عقاب يعود إلى أن شرق السودان هو البوابة التي عبرها سيحقق مشروعه المستقبلي في إريتريا، المتمثل في إنشاء دولة ذات غالبية مسيحية وأقلية مسلمة، وذلك بتهجير أكبر عدد ممكن من المسلمين وتوطينهم في شرق السودان، وهو ما يجري في الوقت الراهن في شرق السودان؛ فهناك ما يزيد عن مليون ونصف المليون إريتري في مدن وأرياف ومعسكرات اللاجئين في شرق السودان، حيث تُطبق عليهم سياسة التوطين بشكل ممنهج.
من هنا يمكننا فهم هذا الاهتمام بشرق السودان من قِبل النظام الإريتري، فهو على استعداد لارتكاب كل التجاوزات لتحقيق مشروعه الطائفي في إريتريا.
إريتريا بلد صغير المساحة وقليل السكان مقارنة بجيرانه، لكنه متعدد الأعراق واللغات.. إلى أي مدى يمكن إدارة هذا التنوع؟
تعود الأصول العرقية للشعب الإريتري إلى أصل عربي وهم الغالبية وأقلية ذات أصل أفريقي، ويتحدث الشعب الإريتري العديد من اللغات القبلية. وصغر المساحة الجغرافية في إريتريا ساعد في تداخل هذه القبائل حتى عاد الانتماء القبلي لا يتعدى كونه انتماء تراثي ودون التعصب القبلي لحد الاقتتال. وعزّز انطلاق حرب التحرير بقيادة جبهة التحرير الإريترية وقائدها الشهيد حامد إدريس عواتي في الفاتح من أيلول/ سبتمبر 1961 من تلاحم مكونات الشعب الإريتري الذي شارك أبناءه بمختلف انتماءاتهم القبلية في الثورة، إلى أن جاء هذا النظام الطائفي وعبث بالنسيج الوطني مُقسّما الشعب الإريتري إلى قوميات على أساس الانتماء القبلي، هادفا من ذلك تفتيت النسيج الوطني لتزكية طائفته وتسيّدها على باقي مكونات الشعب الإريتري، وهذا الأمر يشكل خطورة بالغة على مستقبل الاستقرار في إريتريا. ولنا في إفريقيا نماذج دموية من جراء العبث بالنسيج الوطني.
لماذا تراجع الاهتمام الإقليمي والدولي بالقضية الإريترية؟ وكيف يمكن إحياء هذا الاهتمام؟
لم يتراجع الاهتمام بإريتريا، إنما تغير شكل الاهتمام والجهة المستفيدة. ذلك لأن منطقة القرن الإفريقي حيث إريتريا هي اليوم في مركز الاهتمام الدولي، لإشرافها على أهم ممر مائي، وهو باب المندب والبحر الأحمر والموانئ الإريترية ذات الأهمية التجارية للعديد من الدول خارج منطقة القرن الإفريقي.
ويأتي الاهتمام المتزايد بإريتريا ونظامها من قِبل دول ذات أطماع في الموانئ الإريترية، ومن أجل هذه الموانئ تتم رعاية النظام الإريتري والحرص على بقائه واستمراره دون الاهتمام بمصالح الشعب الإريتري.
برأيكم، لو كان “حامد إدريس عواتي” حيّا اليوم، كيف كان سيدير الأزمة الإريترية؟
لو كان القائد الرمز عواتي حيّا لما وجدت أزمة يديرها، بل وطن يقوده نحو العزة والتقدم، وتسوده العدالة والديمقراطية. الشهيد عواتي -رحمه الله- كان شخصية وطنية وقيادية حتى قبل انطلاق الثورة، واُستشهد من أجل تحرير الأرض والإنسان.
ما الدور الذي ينتظره الإريتريون من نجل قائد الثورة الإريترية أن يلعبه في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد؟
أعتقد كغيري من الإريتريين أناضل للدافع عن شعبي وحريته وكرامته وسيادته الوطنية، ولهذا أدعو الجميع، لاسيما الشباب، للتصدي لهذا الظلم الذي لم ينجو منه أحد في إريتريا، ولنعمل سويا من أجل التغيير وإقامة البديل الديمقراطي الذي يختاره الشعب وبحرية.
هل اقتربت لحظة التغيير في إريتريا أم أنها لا تزال بعيدة جدا؟
لحظة التغيير ليست بعيدة جدا، وكذلك لم تقترب لحد الإمساك بها. إن اقتراب لحظة التغيير وابتعادها يتوقف على نضال الفصائل المقاومة الموحدة، والتفاف الشعب حول فصائل المقاومة ودعمها دون أن يفقد الأمل في حتمية الانتصار على النظام الطائفي إريتريا.
شاركها
Share on facebook
Share on twitter
Share on pinterest