كلمة التحرير آدال بمناسبة ذكرى فورتو الحادية عشرة

عملية فورتو ذكرى وعبرة

عندما كانت هناك مجهودات تبذل لتقريب وجهات نظر المعارضة الإرترية في يناير نفسه، والذي توج بالمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي كخلاصة جهود العمل المعارض بكل تنوعه. كان هناك حراك منفصل داخلي بدأ بتمرد الأسلحة الثقيلة 1993م ،ثم المؤتمر الثالث للجبهة الشعبية 1994م الذي كان يحمل بعض آمال قوى التغيير بالداخل والذي كان خيبة أمل أخرى، ثم تلى ذلك مذكرة ال13 والتي كان على رأسها الدكتور برخت هبتي مهندس دستور 1997م وآخرين من الكادر الأساسي للشعبية، ثم حركة جرحى حرب التحرير في (ماي حبار) ثم مظاهرات طلاب جامعة أسمرا ثم ما سمي بمجموعة  15 G من قيادات ورموز الجبهة الشعبية التي صاحبها نشاط إعلامي في الداخل، ثم حراك مدرسة الضياء بأسمرا بقيادة الشهيد الشيخ موسى محمد نور، وكثير من الحراك  قبل وبعد. وكانت ضمن ذلك أيقونة جهود الداخل، التي تمثلت في عملية فورتو الجريئة، التي قامت بها قيادات وكوادر معتبرة من الجبهة الشعبية على رأسها القائد الشهيد سعيد علي حجاي (ود علي). لتنهي عبث عصابة أسمرا التي اختطفت تضحيات وأحلام الشعب الإرتري. تفاجئ الجميع بقراءة بيان من الإذاعة الإرترية الرسمية، يبشر بفجر جديد ثم انقطاع البث الإذاعي والاتصالات. وبدأت التكهنات عما يدور في أسمرا وإلى أين تتجه الأوضاع. قد عاش كثير من أبناء الوطن في المهجر نشوة نصر حتى خرج البعض في شوارع المدن مبتهجا بالتغيير ووزع الحلوى والبلح أذاناً بفجر جديد يحقق حلم أبناء المعتقلين، وكذلك أمهات ونساء المغيبين وأصدقاء ورفاق الشهداء والمغيبين، كان يوم حلم فيه اللاجئ بالعودة إلى وطنه عزيزاً مكرماً. إنها كانت ليلة أمل باتها شعبنا في الخارج بينما كانت الرياح في الداخل تجري بما لا تشتهي السفن.

في هذه الذكرى العزيزة في نفوس الكثير من أبناء شعبنا، نريد أن نسلط الأضواء على العظة والعبر التي يستفاد منها. في البداية يمكننا أن نقول لم تكن عملية فورتو عفوية ولكن كانت نتاج غليان وعدم رضى و تراكم ما سبقتها من جهود داخل مؤسسات النظام ويحتمل أن يكون لبعض القيادات و الكوادر السابقة بالجبهة الشعبية التي كانت بالخارج علم بهذه العملية، ولكن يبدو أن التكتم على هذا التغيير وعدم دعمه من الخارج كان ينطلق من تأثير تباين التجارب بين الجبهة الشعبية و بقية القوى السياسية الأخرى، ثم عبرة أخرى وهي الانقطاع التام بين الحراك بالداخل والمعارضة الوطنية الأخرى الذين كان من المفترض أن تصب نتيجة تواصلهم في صالح قوى التغيير في إرتريا، ولكن عدم التنسيق وتبادل الأدوار أدى لتفويت فرصة التغيير، لذلك نظراً لعمق الفجوة كان تقييم المعارضة خارج رحم الجبهة الشعبية لعملية فورتو بأنها غير معنية بها كونها تعد ضمن الخلاف الداخلي للجبهة الشعبية، هذا الذي عزز انفراد عصابة أسمرا بفريستها. ثمة هنالك طامة كبرى وهي غياب المعلومات الدقيقة وتقييم الحدث والاستفادة منه لصالح التغيير، وإن لم يتم وقتها دعم مثل ذلك الحراك بالتشجيع والمؤازرة. من التحديات الكبرى التي لم تستنبط منها العبر هي استمرار عدم التنسيق أو وجود الفجوة بين التنظيمات والأحزاب التي تعتبر خصم تقليدي لمشروع الجبهة الشعبية وبين من خرج معارضا من رحم الشعبية ذاتها والذي يقف على مسافة واحدة من النظام والمعارضة التقليدية، بل لم يتجاوز أحيانا في تقييمه للقوى المعارضة لعقلية النظام الاستعلائية التي تنظر لقوى المعارضة دون الوطن.

إن استغلال عصابة أسمرا لهذه الفجوة يعتبر ضمانة أساسية لاستمرار سطوتها لذلك إن ردم الهوة يحتاج لوقفة جادة من المعارضة سواء كانت التقليدية أو التي خرجت من رحم الشعبية والتي تراهن أحياناً أنها صاحبة اليد العليا في التغيير. ولكن ما دام الجميع ينشد إسقاط العصابة الجاثمة على صدر شعبنا وإيجاد بديل ديمقراطي تكون فيه الكلمة للشعب الإرتري، آن الأوان لتنسيق الجهود والخطط لتخليص الشعب الإرتري وذلك بالتوجه إلى كسب ثقة قوى التغيير في الداخل سواء كان الشعب أو الشرفاء من قوات الدفاع الإرترية التي تقع ضمن المتضررين من زبانية النظام. وعلينا أن ننظر إلى إنجاز مهمة توحيد جهود قوى التغيير كممر إجباري لتخليص الشعب الإرتري من ويلات الحاضر والمستقبل. إن وجود تفاهمات كبيرة بين قوى التغيير هي ضمانة التفاف الشعب الإرتري حول قوى التغيير التي يجب أن تعي تماماً أنه لا يمكن إنجاز مهمة التغيير إلا بانحياز الشعب الإرتري صاحب المصلحة الحقيقية في الحرية والسلام والاستقرار.

شاركها

Share on facebook
Share on twitter
Share on pinterest
التصنيفات
منشورات ذات صلة