Search
Close this search box.

النظام الإرتري المُفسِد المحتمل في السلام الإثيوبي

(هل كبح خطر إسياس أفورقي ممكنٌ من إديس أبابا..!؟)

ترجمة و تلخيص المهندس صلاح علي أحمد

كتب جفري ديفيد فيلتمان مقالاً في مجلة فورن بولسي – الاثنين 26 ديسمبر/ كانون الأول الجاري – يحذر ملمّحا إلى التجاهل الذي تم في عملية السلام دون ذكر إرتريا في الاتفاقية.. ويصف إرتريا بالمُفسِد المُحتَمل لخطى إجراءات تنفيذ عملية السلام الإثيوبي في بريتوريا – بجانب الآخرين المحتملين للدفع بإطالة أمد الصراع تنفيذ مجريات السلام ما بين الحكومة الفدرالية و الجبهة الشعبية لتحرير التقراي. ويرى السفير فيلتمان – أنّ الاتحاد الأفريقي نجح في إحداث اختراق فعلي في تحقيق الوصول إلى السلام الذي تم توقيعه في بريتوريا من جنوب إفريقيا نوفمبر 2022- إلا أنه يرى أن غياب ذكر إرتريا في نصوص عمليته سيترك بعض الأسئلة الشائكة المتعلقة بالسلام دون حل – وذلك كما جاء في مقاله إذ قال:”.. حقق الاتحاد الأفريقي انفراجة غير متوقعة ، حيث سهل اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي المتمردة. إلا الصفقة والخطة اللاحقة لتنفيذها بعيدة كل البعد عن الكمال وتترك العديد من الأسئلة الشائكة المتعلقة بالسلام دون حل. والأكثر إثارة للقلق ، بأنهم جميعًا يتجاهلون أكبر مفسد محتمل – إرتريا – ، التي كانت تقاتل إلى جانب الحكومة الإثيوبية في تيغراي ، لم تكن طرفاً في الاتفاقية ولم تذكر بالاسم في النص. على الرغم من أن أسمرة كانت متحالفة مع أديس أبابا طوال الصراع ، إلا أنها تنظر إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي باعتبارها تهديداً وجودياً وقد لا تكون راضية عن اتفاق سلام يترك المنظمة سليمة وقادتها على قيد الحياة…”!! إلا أن السفير فيلتمان استدرك قائلا في مقاله :” ..ومع ذلك ، هناك أشياء يمكن لشركاء إثيوبيا الدوليين القيام بها لدعم اتفاق السلام ومنحها أفضل فرصة للنجاح، يمكنهم السعي لخلق أكبر قدر ممكن من الزخم للاتفاق ، والعمل معاً لتقديم دعم موحد لتنفيذه واستخدام نفوذهم المحدود لثني إرتريا وغيرها من المفسدين المحتملين عن إطالة أمد الصراع..”وكان قد أشار السفير جفري فيلتمان كذلك في مقدمة مقاله، بأنّ المعلومات تشير بأنّ الخسائر البشرية خلال تلك الحرب التي امتدت إلى عامين- قد احصت 600 ألف ضحية اغلبهم من التقراي، مع الأسباب الأخرى التي عزاها إلى الجوع و الأمراض – نتبجة الحرب إذ كتب السفير فيلتمان حين قال:لاغتصاب والقتل خارج نطاق القضاء والمجاعة من صنع الإنسان والحرمان من المساعدات والخدمات الطبية وعمليات الطرد التي وصفها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين بأنها “تطهير عرقي” هي من بين أهوال الحرب الوحشية التي انفجرت في المرتفعات الشمالية لإثيوبيا في نوفمبر / تشرين الثاني 2020. حتى تشير التقديرات إلى أن 600000 شخص ، معظمهم من عرقية التيغراي ، لقوا حتفهم ، غالبيتهم من الجوع و الأمراض على مدى ما يقرب من عامين .بالرغم من أنّ السفير فيلتمان يرى أنّ من خلال تسريع المساعدات الإنسانية بجانب التركيز على الدفع بآلية المراقبة لتنفيذ ما اتفق عليه طرفي السلام ، إلا أنه يرى دعم العملية السياسية مهمة، إذ يرى السيد فيلتمان مادون ذلك بأنّ محاولات السلام ستبدو هشة – وذلك وفق تأكيد قوله بأن:” …من خلال تسريع المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة ، والدفع من أجل آلية مراقبة وتحقق موثوقة ، وتشجيع الأطراف المتحاربة على استكمال محادثات تنفيذ وقف إطلاق النار بعملية سياسية ، يمكن للقوى الأجنبية تعزيز ما هو حتى الآن محاولة إثيوبية مشجعة ولكنها هشة من أجل السلام…”ثم يذهب السفير جيفري فيلتمان في حديث مقاله، مؤكداً مدى الأهمية التي تتعين على الحكومة الإثيوبية لكسب دعم شركائها الدوليين من خلال تنفيذها الاتفاقية- مشيراً إلى أهمية المعايير التي يجب أن يتخذها المجتمع الدولي في مراقبته والتي تشمل انسحاب القوات الإرترية من أثيوبيا وانسحاب قوات الأمهرا المحلية من إقليم التقراي – و ذلك وفق تعبيره مستدركاً على حسب قوله كما يلي:”…. لكن في نهاية اليوم ، سيتعين على الحكومة الإثيوبية أن تكسب دعم شركائها الدوليين من خلال تنفيذ الاتفاق بحسن نية. تشمل المعايير التي يجب على المجتمع الدولي مراقبتها انسحاب القوات الإريترية من إثيوبيا وقوات الأمهرة المحلية من تيغراي ، وبدء العدالة الانتقالية وآليات المساءلة ذات المصداقية ، وإنشاء عملية سياسية تعتمد على ترتيبات وقف إطلاق النار وتحميها من المفسدين وهذا يعالج التوترات والعنف في أجزاء أخرى من إثيوبيا..” !كما ذهب السفير جيفري فيلتمان في سرده إلى بعض العيوب التي صاحبت الاتفاقية مشيراً من ضمنها إلى عدم كفاية عمليات الرصد والإبلاغ ، وعدم الوضوح بشأن المساءلة ، والأكثر خطورة ، الصمت بشأن إرتريا – إذ أوضح السيد فيلتمان إشاراته في المقال من خلال ما تضمنته السطور التي تناولت الأمر أدناه:”…. ليس من المستغرب أن الاتفاق الذي توصل إليه الجانبان هناك في الثاني من نوفمبر يميل لصالح أديس أبابا ، حيث ينص على استعادة السلطة الفيدرالية الإثيوبية في تيغراي وحل إدارة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. و يشتمل الاتفاق على عيوب ، بما في ذلك جدول زمني مبدئي مفرط الطموح لنزع سلاح الجبهة الشعبية لتحرير تيغري ، وعدم كفاية عمليات الرصد والإبلاغ ، وعدم الوضوح بشأن المساءلة ، والأكثر خطورة ، الصمت بشأن إرتريا ، باستثناء حظر غامض على “التواطؤ مع أي قوة خارجية معادية لأي طرف “.ويقول السيد جيفري فيلتمان- ربما أن تلك الثغرات هي التي كانت في أولى أجندة لقاء كبار القادة العسكريين بين طرفي الاتفاقية في نيروبي حتى وضع خطة تنفيذية تطمن مخاوف التقراي من أن تترك في حالة الجندي الاعزل ضد تواجد القوات الإرترية و مليشيات الأمهرة، ولذلك يقول السيد فيلتمان أن الطرفين: ” .. قد حددا في إعلان صدر في 12 نوفمبر أن القوات التيغراي ستنزع سلاحها في نفس الوقت الذي تنسحب فيه القوات الفيدرالية الأجنبية وغير الإثيوبية من المنطقة..” و القوات غير الإثيوبية هي إشارة إلى القوات الإرترية. إلا أن السيد فيلتمان أردف قائلاً بالرغم من أن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والآخرين قد أكدوا له بأنهم قادرين على إدارة الدور الإرتري وحتى طردهم عسكرياً، ومع ذلك يرى السفير جيفري فيلتمان بأنّ ثقة رئيس الوزراء الإثيوبي تبدو بعيدة عن الواقع، على حد تعبيره – إذ قال:” … حتى لو سحب أسياس القوات الإرترية من تيغراي ، فإنه سيحتفظ بوسائل أخرى للتدخل في إثيوبيا…و من بين الوكلاء الإثيوبيين الذين عملت أسمرة على ترسيخهم هناك ،ميليشيات أمهرة المتشددة التي تشارك أسياس كراهية التيغراي والذين قد يتم إقناعهم بالتخلي عن التزامهم بموجب إعلان نيروبي بالانسحاب من أجزاء من تيغراي التي يطالبون بها ويسيطرون عليها حالياً..”و أخيراً يرى السيد فيلتمان أن أساس ما جرى من حرب حدود دموية في السابق ( 1998 – 2000) مابين الحكومة الإثيوبية التي كانت تسيطر عليها الجبهة الشعبية لتحرير التقراي وقتها وما بين إرتريا، و إن كانت ظاهرياً بسبب نزاع حدودي، ولكنها قد كانت بشكل أساسي أكثر حول ما إذا كان نظام أسياس افورقي أو الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي ، سيهيمنون على القرن الأفريقي، وهذا ما جعلهم يتحولون من أصدقاء إلى عدوين لدودين ، وهذا ما جعل السفير الأمريكي و المبعوث الخاص للرئيس بايدن في القرن الأفريقي ليشير أيضاً بقوله أنّ:”.. أسياس يشعر بالقلق من أنّ حتى الجبهة الشعبية لتحرير تغراي المنزوعة السلاح قد تنهض يوماً ما مرة أخرى وتهدد نظامه. لهذا السبب ، قد يرغب في هزيمة هذا المنظمة في التقراي عسكرياً أو حتى إبادتها ، ليس فقط لضمان حل رسمي لإدارة ميكيلي ، كما تنص اتفاقية بريتوريا..”!ولكن أيضاً أكد فيلتمان ومع ما يصاحب أمر السلام من ثغرات الا أن إيقاف إراقة الدماء في إثيوبيا يستحق الثناء حين عبر قائلاً:”.. بغض النظر عن هذه العيوب ، فإن الإثيوبيين يستحقون الثناء لموافقتهم على إنهاء إراقة الدماء.مع أنه أيضا يرى أن طريق السلام الصعب في إثيوبيا أنه يذهب أبعد من مشكلة التقراي- وهو ما اختاره من عنوان مقاله في مجلة فورنبولسي الاثنين السابق 26 ديسمبر/ كانون الاول الجاري- وهو مقال يأتي في خواتيم هذا العام من شخصية أمريكية على وزن شخصية السفير جفري فيلتمان – وما أدراك ما جيفري فيلتمان …وهو ذلك الدبلوماسي والمبعوث الأمريكي لبيدن الخاص – السابق للقرن الأفريقي ، حيث كانت مهمة خدمته في ذلك ما بين ( أبريل 2021 إلى يناير 2022.) و هو الذي شغل سابقاً منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية. حيث مثّل رئيس إدارة الشؤون السياسية في الأمم المتحدة ، وكان من الذين أشرفوا على الجهود الدبلوماسية للأمم المتحدة، الذي يتعلق بمنع النزاعات وتخفيفها في جميع أنحاء المعمورة، بل الذي كان له الحضور أخيراً في ملف النزاع الإثيوبي الداخلي وكذلك حيثيات فتور العلاقات ما بين دول مجرى النيل الأزرق الثلاثة بدواعي سد النهضة – بجانب الشأن السوداني الداخلي أيضاً.. إلى أن خلفه في شأن القرن الأفريقي السفير ديفيد ساترفيلد ثم أخيراً مايك هامر.

شاركها