Search
Close this search box.

التنوع الثقافي والعرقي والديني واللغوي واثره في تماسك المجتمع وتمتين الوحدة الوطنية الواعية في المجتمع الارتري.

بقلم / الدكتور ياسين مدني
محلل وباحث إعلامي

The impact of cultural , racial, religious and muti- linguistic on the cohesiveness of the Eritrean Society.
لاشك أن التعددية الثقافية والعرقية والاثنية والدينية واللغوية أصبحت ظاهرة عالمية وذكرها الله سبحانه وتعالي في محكم تنزيله .
ان الهدف من خلق الشعوب والقبائل هو للتعارف و هذا ما يسمي في علم الإعلام تواصل وتحاور الثقافات بغرض التعايش intercultural communication
فهذه الظاهرة توجد في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء والفارق يكمن ان الدول المتقدمة نجحت في إدارة التنوع وقبول الآخر كما هو ونحن فشلنا في إدارة التنوع وقبول الاخر قصدي العالم الثالث.
ومما لا شك فيه أن التعددية لها وجهان متناقضان اذا لم يتم حسن الإدارة وهما اما الاستقرار السياسي والذي ينعكس على التنمية إيجابا او الاضطراب .
الدول المتقدمة عملت برامج على تكامل الثقافات integration of diverse culture
ونحن في العالم الثالث عملنا على استيعاب كل الثقافات في ثقافة واحدة وهذا يناقض الفطرة البشرية assimilation of diverse culture in one prevailing culture
كما حدث في رواندا سابقا في أفريقيا وهي مثال كانت لفشل تعايش الثقافات والعرقيات فحصل التطهير العرقي genocide
وايضا مثال آخر يوغسلافيا حيث حصل تطهير عرقي بسبب فشل التعايش .
ويعد النموذج الماليزي نموذجا شبه مقبول وناجح في دول العالم الثالث في حسن إدارة التنوع حيث أثبتت ماليزيا ان التنوع لا يمثل في حد ذاته خطرا للامن القومي الماليزي وهو عامل قوة وتقدم ان تم إدارته بصورة عقلانية Good management of cultural diversityيتكون سكان ماليزيا من أجناس وأديان مختلفة وفئات عرقية رئيسية هي الملايون والصينيين والهنود وعرقيات أخري.
حيث يمثل الملايون سكان البلاد الاصليين ويسمون باللغة الماليزية بهاسا ملايو بوميبوترا bumiputra وتعني بلغة اهلنا التقري ودراس مدر بكسر الميم وبالغة الانجليزية the son of the soil
ود الأرض native ويمثل الملايون 58% من السكان وهم مسلمون على المذهب الشافعي.
الصينيين ويمثلون 24% وهم بوذيون اما الهنود 8% وهم هندوس وسيخ اما 10% الاخرى عرقيات وديانات أخري مختلفة .
والصينيين جلبهم البريطانيبن لماليزيا للعمل في الخدمات والهنود جلبهم البربطانيين للعمل في زيت النخيل palm oil . .
وقبل مغادرة البربطانيين ماليزيا في 31 أغسطس 1957م طلب حزب اتحاد الملايو بان يأخذ معهم الإنجليز الصينيين والهنود . رفضت الإنجليز وعملوا عقد اجتماعي بموجبه ان يكون هناك حقوق خاصة وامتيازات العنصر الملايوي.
ويسمي هذا العقد social contract والتي بموجبها تكون ماليزيا مملكة دستورية يكون فيها الملك مسلم تتداوله الولايات الماليزية كل 5 سنة واحد ينتخب من قبل سلاطين الولايات.
المملكة الدستورية constitutional monarch
ويرعي شؤون الدولة وهو رئيس القوات المسلحة الملكية والبوليس الملكي وسلطانه شرفية ورمزية ceremonial power
وتم تثبيت وتوقيع العقد الاجتماعي من قبل الصينيين والملايويين والهنود حيث ينص صراحة على الاتي:
الدين الرسمي للدولة الإسلام
اللغة الرسمية هي اللغة الملابوية مع اللغة الانجليزية لغة ثانية.
حقوق خاصة للملايوبين في الدستور وتسمي special rights and privileges
وهي غير قابلة للتساؤل من الفئات الاخرى.
Unquestionable rights
لان الملايوين زمن الاستعمار البريطاني كانوا عايشين في الغابات ولم يتم تعليمهم من قبل البريطانيين والسبب معروف لأنهم مسلمون واغلبيه.
ان تكون صلاحية الملك رمزية ceremonial power
النظام السياسي هو نظام برلماني يكون الغلبة فيه حسب عدد مقاعد الحزب في البرلمان parliamentary system
القوة في يد رئيس الوزراء .
حرية العبادة مكفولة للجميع . حيث هناك الكنائس ودور العبادة البوذية الهندوسية. و كل واحد له مدارسه ومراكزه الخاصية ولكن اللغة الوطنية في المدارس الحكومية والجامعات هي لغة الملايو واللغة الانجليزية .
طبعا مفهوم العقد الاجتماعي سبق ان عملت به بشكل آخر وبأسلوب آخر امريكا بعد الانتهاء من سياسة الفصل العنصري ومنح الزنوج الحقوق المدنية وتسمي في العلوم السياسية سياسة التمبيز الإيجابي affirmative action policy or positive discrimination
وتنص على إعطاء مزايا خاصة الأقلية الزنجية بسبب حرمانها من التعليم والصحة وعقود البنوك خلال فترة الاضطهاد وترغم الحكومة شركات مملوكة للبيض لتشغيل السود. لانهم أقل حظا في فرص العمل .
وهي سياسة تقوية الفئات الضعيفة . ونتيجة لتغير الاوضاع وارتفاع نسبة التعليم في ماليزيا يطالب الصينيين والهنود بالغاء هذه الامتيازات الخاصة بالملايويين واستبدالها بنظام الجدارة في التوظيف وفي العمل metocracy
لاشك أن دراسات تجارب الآخرين مهمة حيث ان السبب الرئيس لتقدم ماليزيا هو دراستهم للنموذج الياباني في التقدم الاقتصادي وتطبيقه في ماليزيا حيث نجح 100% .
قد لا تساعد الظروف الديمغرافية تطبيق هذه النماذج ولكن لا يعني ذلك عدم الاستفادة.
مثلا ماليزيا عملت رؤية سمتها رؤية 2020 بموجبها تشطب ماليزيا نفسها من العالم الثالث وبدأت الرؤية 1980 بإرسال 5000 طالب ماليزي في اكبر منح حكومية من الحكومة الماليزية الي اليابان ولم يتم ارسالهم الي بريطانيا او امريكا لماذا الإجابة معروفة.
بعد عودة الطلاب وتخرجهم في مختلف التخصصات هذه هي نتيجة الرؤية طويلة الأمد التي تفيد الأجيال اما في العالم الثالث وخاصة في أفريقيا كل إنجاز تاتي حكومة تعمل على إعاقة الإنجاز السابق وتبدأ من الصفر وهذا هو الفساد ونهب ثروات الشعوب وموت الضمير .
افريقيا كلها استبداد ونهب وغياب ضمير وغيرة من هم على رأس السلطة . حتي الفئات المتعلمة في أفريقيا صارت فاسدة باحثة عن المال والسلطة الا من رحم ربي .
ستظل أفريقيا كما قال الصحفي الامريكي توماس :
Africa is the continent that takes the headkines in famine , drought , aids, corruption and desertification .
أفريقيا القارة التي تاخد العناوين الرئيسية في الأخبار في المجاعة والجفاف والتصحر ومرض الايدز والفساد .
كله بسبب غياب الضمير والانحدار الأخلاقي وغياب الغيرة والشعور بالمسؤولية اتجاه من تقودهم.
ان الذي يحصل في ارتريا اذا قورن بتجارب الشعوب الأخرى هو ليس ثقافة تعايش بين مكوناته والاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات إنما هو استيعاب كامل ومنهجي وذوبان لكل الثقافات والعادات والقيم والأديان في بوتقة واحدة ونمط حياة واحد وهذا ماسمونه في علم الاجتماع Assimilation of diverse cultures in one single prevailing culture.
وهي النمطية هي ضد الفطرة البشرية والموزاييك الثقافي وهذه من سنن الكونية في خلق شعوب وقبائل مختلفة بهدف التعايش .
وهناك آليات ونظم سياسية بموجبها نجحت لحد ما التجربة الماليزية في تعايش المكونات المختلفة وفي حفظ الوحدة الوطنية مما انعكس إيجابيا على التقدم الاقتصادي وفي قطاع الدخل السياحي لان اختلاف ثقافة الشعوب هي مصدر دخل قومي في الاقتصاد اذا تم حسن ادارته. يفضلون الشعوب الأوربية زبارة ماليزيا سنويا بسبب ان ماليزيا تمثل كل أو معظم الثقافة الآسيوية مالايوي وصينيين وهنود. هناك فلكلور مختلف يجذب السواح ودخل جدا عالي سنويا.
ومن المتعارف عليه يصبح التعدد العرقي خطرا على الاستقرار السياسي والاجتماعي للمجتمع اذا تم استغلال وتزكية هذه النعرات من قبل قوى خارجية كما هو حاصل في السودان.
ومن هذه الآليات التي تم ذكرها لحفظ النسيج الاجتماعي في ماليزيا تبني ما يلي:
اولا؛
استراتيجية الفدرالية :
وتعتبر احدي الآليات والإستراتيجيات لفض النزاعات سواء بين الجماعات مع بعضها او بينها وبين السلطة المركزية والفيدرالية هي توزيع المهام والاختصاصات عن طريق تقسيم النطاق الإقليمي إلى قطاعات او ولايات قد تكون متوافقة او غير متوافقة مع الانقسامات العرقية وكل ولاية ماليزية يسمح لها قدر متماثل من السلطة وانا شخصيا اري هذا النظام يمكن ان يفيد في ادارة الصراع وإدخال الطمأنينة والشعور لتقاسم السلطة والثروة . تطبيق هذا النظام في ارتريا يزيل الشعور بالغن والتهميش Marginalization
الآلية الثانية :
استراتيجية الديمقراطية التوافقية وتقاسم السلطة
Reconciliation of democracy and sharing of power.
وهذه أيضا تعتبر اهم آلية من آليات إدارة ادارة الصراع العرقي والديني والاثني. وتقوم الديمقراطية التوافقية على فكرة قبول التعددية العرقية مع ضمان الحقوق والهويات والفرص لكل الجماعات وفي نفس الوقت العمل على تأسيس مؤسسات سياسية واجتماعية لتلك الجماعات تتمتع بمزايا المساواة دون الحاجه الى الاستيعاب القسري للثقافة الأخرى. وللاسف الشديد نظام المجرم آسياس يعمل من أجل ابادة ثقافة معينة لمكونات معينة من الشعب ظنا منه ان ذلك يمكن أن يؤدي الي سيادة نمط واحد وهذا مااثبت علم الاجتماع فشله عبر التاريخ .
المطلوب قراءة نظريات علم الاجتماع وقبل هذا كله القرءان الكريم الذي حدد العلاقة بين الشعوب والقبائل وعمل معيار التقوي دليل. التقوي هنا بمعني اتباع الأوامر بان الله خلق الكون من شعوب وقبائل ولغات والوان.
والنواهي محاولة فرض ثقافة معينة علي هذه الشعوب.
ثالثا:
الآلية الثالثة هي حق تقرير المصير Referundum
ويعتبر حق تقرير المصير من أكثر الآليات شيوعا وانتشارا وتستخدم هذه الأداة من قبل الحكومات والدول محاولة تهدئة وإزالة الاحتقان بين الاعراق المتعددة وذلك عن طريق تقسيم الدولة إلى اعراق متعددة والسماح للجماعات بالانفصال separation
حيث وصلت إلى أقصى درجات التعايش معا في حدود دولة واحدة و هذا يعتبر فشل من الدولة وقيادتها في إيجاد أرضية مشتركة تمنع المناداة بحق تقرير المصير كما حصل في جنوب السودان نتيجة السياسات الفاشلة من نظام البشير.
هذه هي الاليات التي تتبناها الدول المتحضرة في التماسك الطوعي لشعوبها والتراضي بالعيش المشترك في وطن واحد يسوده القانون .
طبعا هناك أيضا سلبيات في النظام الماليزي وأهم سلبية ان هناك فقرة تم تقبيتها في الدستور وشراكة العقد الاجتماعي تقول ان هناك حقوق وامتيازات لاهل البلد الاصليين اي الملاويين المسلمين غير قابلة للتساؤل من الاعراق الأخرى.
طبعا هذه ترجع الي سياسة التمييز الايجابي في منح امتيازات معينة بس هذه الامتيازات من المفترض أن لا تكون ابدية. الان هناك أصوات داخل البرلمان الماليزي وخاصة بعد انتخابات مايو 2018م تنادي بان يتم التخلص من هذه الحالة وتبني سياسة الجدارة والعلم في التوظيف وفي الإدارة وتسمي metocracy
انا شخصيا اري ان يتم تبني نظام التمييز الايجابي في ارتريا لفترة 30 الي 40 سنة يتم من خلالها منح فرص للفئات الأقل حظا في التعليم والصحة والثروة والسلطة في ارتريا هذا يمكن أن يعزز روح الوطنية ويزيد من فرص التعايش.

شاركها