سَقطَ الموتُ؛وانفرطَ القلبُ كالمسبحَهْ.
والدمُ انسابَ فوقَ الوِشاحْ!
المنَازلُ أضرحَةٌ،والزِنازن أضرحَةٌ
والمدَى.. أضرحَةْ
فارفَعوا الأسلِحهْ
واتبَعُوني!
أنا نَدَمُ الغَدِ والبارحهْ
رايتي: عظمتان.. وجُمْجُمهْ،
وشِعاري: الصَّباحْ!
” أمل دنقل )
ينسج القدر المحتوم خيوطه، لتفاجئنا المنايا وينقل إلينا الناعي خبر انتقال عزيز إلى دار الخلود، لم يكن ذلك إلا امتحان لمدى تقبلنا لقدر الله، فنحن مؤمنون بأن لكل أجل كتاب وأن كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول، وإن جلائل الأعمال هي الباقية.
انتقل إلى رحاب ربه في يوم الأحد الموافق 18 سبتمبر 2023م بكندا المناضل العتيق والإعلامي الشهير ابن القطرين (السودان وإرتريا) الأستاذ عمر جعفر عمر السوري (عمر عليم) بعد رحلة نضالية مليئة بالتضحيات والعطاء قضاها منافحاً ومدافعاً عن قضية شعبه ووطنه إرتريا، الأستاذ عمر من مواليد مدينة مصوع حيث تلقى فيها تعليمه الأولي وانتقل بعدها إلى أسمرا بحكم عمل والده في مهنة التعليم ثم الصحافة ثم إلى السودان ليستقر في مدينة أم درمان ويكمل دراسته، وجود عمر الشاب المليء حماساً وعنفواناً ثورياً في مدينة الخرطوم التي قيل عنها في ذلك الزمان من أكثر العواصم العربية في نهم القراءة، مكنه من التعرف على الفئات المستنيرة في المجتمع الخرطومي، خاصة وأنه ارتبط بمهنة المتاعب ( الصحافة) وعشقها حد الجنون، تعرف على الصحفي اللامع صديق محيسي أطال الله في عمره وآخرين كانوا من مشاهير العمل الصحفي في ذلك الوقت وقيادات سياسية تنضح ثورية وكان للحزب الشيوعي السوداني القيادة الثورية دوراً مهما في تشكل وعيه الفكري. ارتبط الراحل المقيم عمر بالثورة الإرترية ورائدة نضالها جبهة التحرير الإرترية منذ بدايات شبابه حيث كان ضمن طاقم مكتبها في الخرطوم، ويذكر من تعرفوا عليه في تلك الفترة وتحديداً العام 1966م حتى انعقاد المؤتمر الوطني العام الأول للجبهة في نهاية العام 1971م كان مسؤولاً عن الإعلام والعلاقات العامة، كان نشطاً متفوهاً وذو قلم سيال خاصة وأنه اختطّ لنفسه خطّاً ثورياً جعلة يزن المواقف الوطنية والسياسية ويختار لنفسه الطريق متلمساً خطى الثورة. آمن بالخط الوطني الديمقراطي للثورة الإرترية، ويذكر في إحدى مكالماتي معه في منفاه بكندا دوره في إعداد وثائق المؤتمر الوطني الأول بالتعاون مع رئاسة اللجنة التحضيرية واستضافته للسيد تلا باريو في منزلهم العامر بأم درمان والذي قدم للمشاركة في المؤتمر. لعب اتحاد الصحفيين الإرتريين الذي ترأسه أدواراً مهمة في التعريف بالقضية الإرترية وما دلّ على ذلك الندوة التي أقيمت بجمهورية تونس في العام 1982م تحت عنوان الندوة الدولية حول القضية الإرترية التي عقدت تحت إشراف الاتحاد العام للصحفيين العرب والذي كان الراحل عمر عليم عضواً تنفيذياً فيه، اكتسب اتحاد الصحفيين الإرتريين في عهده عضوية مراقب في اتحاد الصحفيين العالمي بجانب عضويته الدائمة في الاتحاد العام للصحفيين العرب.
عمر عليم يقرض الشعر أيضاً فكانت قصائده الثورية ملاحم وأبرزها كانت قصيدته بعنوان عواتي التي كتبها في العام 1969م والتي كانت خاتمتها:
عواتي يا فخر أجيالي
يا أشمخ من رورا حباب
يا صبحاً رش الصدق على الأبواب.
وقصيدته في رثاء الشهيد محمد حامد تمساح في العام 1982م تحت عنوان:
تمساح الذهب العتيق.
استهل في الآونة الأخيرة كتابة مذكراته على حلقات بعنوان هشيم الذاكرة والتي خص بها وكالة الأنباء الإرترية التي تصدرها دائرة الثقافة والإعلام لجبهة التحرير الإرترية. اللهم ارحم الأستاذ عمر عليم واجعل كلما ما قدم في ميزان حسناته. التعازي القلبية لأسرته الصغيرة جعفر واخوته ورفاقه في جبهة التحرير الإرترية وكل مناضلي إرتريا ومعارفه والتعازي إلى شعبي البلدين الشقيقين.
أبو غسان
لندن- 19/09/2023م